السؤال: هل الشرع يمنع الزوجة من سؤال زوجها عن مكان ذهابه ؟ هل الشرع يحرِّم
على الزوجة مثل هذه الأسئلة ؟ .
الجواب :
الحمد لله
أوجب الشرع على الزوجين عشرة كل واحد منها للطرف الآخر بالمعروف .
قال ابن كثير - رحمه الله - :
وقوله : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ ) النساء/ 19 أي : طيبوا أقوالكم لهن ، وحسنوا أفعالكم ، وهيئاتكم ، بحسب قدرتكم ، كما تحب ذلك منها ، فافعل أنت بها مثله ، كما قال تعالى : ( وَلَهُنَّ مِثلُ الَّذِي عَلَيهِنَّ بِالمَعرُوفِ ) البقرة/ 228 .
" تفسير ابن كثير " (2 / 242) .
ولا شك أنه ثمة فروقات بين حقوق الزوج وحقوق الزوجة ، وبين طبيعة الزوج وطبيعة الزوجة ، فالزوجة لا تخرج – مثلاً – من بيت الزوجية إلا بإذن زوجها ، وليس الأمر كذلك بخصوص الزوج ، والمرأة لا تأذن لأحدٍ في بيت الزوجية ممن لا يرغب بهم الزوج ، وليس الأمر كذلك بخصوص الزوج ، وهكذا في كثير مما يعرفه الأزواج في عالَم الحياة الزوجية مما نصت عليه الشريعة المطهَّرة ، أو مما عُرف بالعادة والعُرف .
ولا يُعرف في شرع الله تعالى ، ولا في عادة غالب الأعراف الزوجية أن من حق الزوجة أن تعلم أين يخرج زوجها ولا أين يذهب ؛ ذلك أن الأصل في الزوج أنه يبرز من بيته ويخرج منه لمصالح كثيرة تتعلق : بالعمل والعبادة وصلة الرحم ، مما يجعل الأمر يشبه المستحيل أن يكون من حق الزوجة أن يُخبرها زوجها أين يذهب وإلى أين يخرج في كل مرة ! وليس الأمر كذلك – بالطبع – بخصوص الزوجة ؛ لندرة خروجها ، ولتعلق أعمالها الكثيرة والعظيمة ببيتها .
وفي الوقت نفسه لا نقول بأنه يَحرم على الزوجة أن تسأل زوجها إلى أين يخرج من بيته ، بل ما زال الناس يرون ذلك من الأزواج ، لا سيما في فترة الشباب ، أو حيث يكون لها تعلق خاص بزوجها ، أو تكون لها ضرة أخرى ، تخشى أن يذهب إليها في يومها ، أو تخشى من أن يكون له سلوك غير مرضي .
لكن ذلك يبقى في حدود المقبول ، والمحتمل ، إذا كان قليلا ، يحدث المرة بعد المرة ، لا أن يصبح طبيعة عامة ، كلما دخل أو خرج ، فمثل هذا لا يمكن أن يحتمله زوج ، أو تستقيم به عشرة .
إلا أننا ننبّه الأزواج أن من الأفضل لهم إخبار زوجاتهم بالمكان الذي يقصدونه إذا كان سيستغرق غيابه وقتاً طويلاً ، أو إن كان خروجه لمكانٍ فيه خطر عليه ؛ وفي ذلك فوائد كثيرة ، منها :
1. رفع قيمة زوجته وإعطاؤها الأهمية التي تستحقها كشريكة حياة .
2. دفع القلق الذي يمكن تسببه نتيجة طول غيابه عن البيت .
3. سرعة البحث عنه في حال طول غيابه المقلق إن كان قصد مكاناً فيه خطر عليه ، كمراجعة دائرة أمنية ، أو لقاء مع خصم يُخشى عليه منه ، أو قصد مكاناً فيه فوضى وفتن .
ومبادرة الزوج في إخبار زوجته بخروجه لبعض الأماكن خير من أن تبادر هي بسؤاله ، ونرى أن مثل هذا الإخبار منه يقوي العلاقة الزوجية بينهما ، ويزيد في محبتها له ، وتعلقها به .
ونحذِّر الزوجة أن تسأل زوجها في كل مرة أين يذهب وإلى أين يخرج ؛ فإن هذه الأسئلة مما يكرهه عامة الأزواج ، ولذا فإن الأمهات العاقلات المجربات يحذِّرن بناتهن من هذه الأسئلة قبل زواجهن .
كما ننبه الأخوات الفاضلات أن يوصين أزواجهن – أحياناً ولو كثرت - أن يتقوا الله تعالى في خروجهم للكسب أو للسهر أو لغير ذلك ؛ فلعلَّ هذه الوصية أن تمنع أحدهم أن يفعل محرَّماً أو يترك واجباً .
والله أعلم