الأشهر الحرم أربعة، وهي الأشهر الهجرية العربية ذو القعدة، ذو الحجة، محرم، رجب. وهذه الأشهر الحُرُم يوضع فيها القتال ـ إلا ردًّا للعدوان ـ وتُضاعف فيه الحسنةُ كما تُضاعف السيئةُ. وذهب الشافعي وكثير من العلماء إلى تغليظِ دِيةِ القتيلِ في الأشهر الحُرُم. وكان الهدف من هذا التقليد عندهم هو تمكين الحجاج والتجار والراغبين في الشراء من الوصول آمنين إلى أماكن العبادة والأسواق والعودة بسلام.
الأشهر الحرم في الجاهلية
كانت الأشهر الحرم معظمة في شريعة إبراهيم، واستمر ذلك باقياً، فكان العرب قبل الإسلام يعظمونها، ويحرمون القتال فيها، إلى أن ابتدع مبتدعهم النسيء، فكانوا ينسئون الشهر الحرام (يؤخرونه عن موعده)، حين تعجلهم الحاجة إلى الغزو. قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾«9:37» (التوبة: 37).
إلتزم العرب في الجزيرة بعدم القتال في الأشهر الحرم وشذت عن ذلك قبائل بنو خثعم وبنو طي إذ كانوا يستحلون في تلك الشهور الحروب (كدأب عرب هذه الأيام
الأشهر الحرم في الإسلام
بقيت لهذه الأشهر حرمتها في الإسلام ونهي المسلمون عن انتهاكها.
في السنة النبوية
بيَّنَها رسول الله (ص) في الحديث الشريف "إلا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم؛ ثلاثة متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مُضَر الذي بين جمادى وشعبان". وكان قوله (ص) "رجب مُضَر" ليبين صحة قول قبيلة مُضَر في رجب أنه الشهر الذي بين جمادى وشعبان، لا كما تظن قبيلة ربيعة مِنْ أنَّ رجبَ المُحَرَّم هو الشهر الذي بين شعبان وشوال وهو رمضانُ اليوم.
في القرآن الكريم
ذكرها القرآن الكريم:﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾«9:36» (التوبة: 36).
وجاء في كتب التفسير عند قوله تعالى: (فَلاَ تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أنْفُسَكُمْ) (التوبة: 36) قال قتادة: إن الظلم في الأشهر الحُرُم أعظم خطيئةٍ ووِزْرًا من الظلم فيما سواها وإن كان الظلم على كل حال عظيمًا، ولكن الله يعظم من أمره ما يشاء. وقال: "إن الله اصطفى صفايا من خلقه، اصطفى من الملائكة رُسلا ومن الناس رُسلا، واصطفى من الكلام ذكره، واصطفى من الأرض المساجدَ، واصطفى من الشهور رمضانَ والأشهرَ الحرمَ، واصطفى من الأيام يومَ الجمعةِ، واصطفى من الليالي ليلةَ القدرِ فعَظِّموا ما عظَّم الله.
جعلهــــــــــا الله عليكم شهور خير