ما هو الفارق بين البرازيل ومصر؟!.. الأولى مرشحة للفوز بكأس المونديال بينما الثانية لم تتأهل أصلاً للنهائيات.. وما هو الفارق بين الصين وإيران وتركيا وإسرائيل وبين مصر؟!.. هم لم يتأهلوا أيضاً للنهائيات لكن الناس فى كل هذه البلدان..
وفى البرازيل أيضاً.. يشاهدون المونديال كاملاً على شاشات التليفزيون مجاناً، بينما المصريون لابد أن يدفعوا الكثير لقناة الجزيرة أو تدفع حكومتهم مائة وعشرين مليون جنيه لإذاعة بعض مباريات المونديال على القنوات الحكومية الأرضية فقط..
وهذا وحده دليل على خلل ما فى قواعد البث التليفزيونى للمونديال.. وأن هناك بلداناً وأسواقاً وشعوباً لا تعرف ولا تشكو مما يجرى فى الشرق الأوسط كل أربعة أعوام.. فقبل قناة الجزيرة كانت شبكة «إيه أر تى».. ولكن نفس التوتر والصراع والخلافات والغضب..
والمشكلة أننا فى مصر ننشغل كل مرة بما يجرى تحت أقدامنا وننقسم إلى فريقين لا ثالث لهما.. فريق يتخصص فى الهجوم الساخن على التليفزيون والحكومة كلها نتيجة التقاعس والإهمال وعدم السعى الجاد وراء ضمان حق المصريين فى مشاهدة المونديال.. وفريق فى الناحية الأخرى يدافع عن الحكومة ووزير الإعلام واتحاد الإذاعة والتليفزيون إما نتيجة اقتناع صادق أو سعياً وراء مصالح ومكاسب..
لكن لا أحد توقف ليتساءل: لماذا هذه المشكلة المزمنة فى الشرق الأوسط فقط.. لماذا يضطر الناس فى هذه المنطقة تحديداً لأن يدفعوا لمشاهدة المونديال أكثر مما يدفعه الأوروبيون والأمريكان والآسيويون رغم أن الناس هناك هم الأغنى والأكثر قدرة؟.. ولماذا نجد فى الشرق الأوسط فقط من يشترى حقوق بث مباريات المونديال بأرقام خرافية أبداً لن تأتى بها اشتراكات الناس أو تغطيها مساحات الإعلانات المتاحة فى هذه المنطقة؟..
والسؤال الأهم هو: لماذا يمنح الفيفا أصحاب هذه الحقوق فى الشرق الأوسط مزايا هائلة وسلطات احتكارية مطلقة لا تملكها أى شبكة تليفزيونية فى أى مكان آخر فى العالم؟.. فليست هناك شبكة أو قناة فى العالم كله تملك ما تملكه الجزيرة من مزايا وحقوق.. ففى أوروبا على سبيل المثال هناك شركات تملك حق بث المباريات.. لكن تبقى هناك شركات أخرى تملك حقوقا ومواد تخص المونديال اشترتها بسعر أقل ولا يعترضها أو يمنعها أحد..
وهل ذلك يعنى أن فسادا ما داخل الفيفا أو شركاتها الإعلامية ولا أحد ينتبه إليه حتى الآن.. وهل ارتضى الجميع فى الشرق الأوسط ذلك فلم يفكر أحد فى اللجوء المباشر للفيفا أو للمحكمة الرياضية الدولية لكشف هذا الفساد ومقاومته.. أم أنه من الضرورى أن ننتظر واقعة فساد تخرج للعلن مثلما حصل لشركة «آى تى فى» صاحبة الحقوق التليفزيونية فى إنجلترا التى تبين أن أحد أكبر مسؤوليها يبيع التذاكر المجانية المهداة من الفيفا فى السوق السوداء..
فاضطر الفيفا لفتح تحقيق عاجل واضطرت الشركة لفصل روبى إيرل، أمس الأول، لكن الصحافة الإنجليزية لم ولن تسكت وبدأت فى البحث عن العلاقات السرية والمصالح المشتركة بين مسؤولين فى الشركة ونظرائهم فى الفيفا والشركات الإعلامية الأخرى..
ولماذا تظهر العين الحمراء للفيفا ورجالها فقط عند أى تهديد لمصالح وحقوق الجزيرة بينما كوريا الشمالية أذاعت مباريات المونديال الحالى دون وجه حق وتعددت الانتهاكات فى بلدان ومناطق أخرى فلم يظهر هذا الغضب القاسى ولا عين الفيفا الحمراء أو أى شىء آخر أحمر أيضاً يخص الفيفا.